أحداث واشنطن الأخيرة على طاولة النّقاش في معهد الإعلام الأردنيّ

Image: 
14 كانون ثاني 2021

قال عميد معهد الإعلام السّابق الدكتور زياد الرفاعي إنّ تحليل الأحداث التي شهدتها الولايات المتّحدة مؤخّراً يجب أن يستند إلى إلمام بمعلومات اقتصاديّة وسياسيّة وتاريخيّة وثقافيّة كافية عن الولايات المتّحدة، وذلك لمواجهة حالة الاستقطاب التي عزّزتها وسائل التّواصل الاجتماعيّ.

وأضاف الرّفاعي في مداخلة عبر "زووم" لطلبة معهد الإعلام الأردنيّ أنّ تمسّك الرئيس دونالد ترامب بالسّلطة، ورفضه الاعتراف بفوز الرئيس المنتخب جو بايدن، وحادثة اقتحام مؤيّدي ترامب لمبنى الكونغرس، هي أمور غير مسبوقة تُخالف النموذج الأميركيّ لتداول السّلطة.

ووفقاً للرّفاعي، ارتبطت التغيّرات الجذريّة في المجتمعات تاريخيّاً بظهور وسائل اتّصال جديدة، مثل ارتباط الحرب العالميّة الأولى بظهور الرّاديو، والحرب العالميّة الثانية بالسينما والتلفزيون، وبالتّالي قد يكون لوسائل التواصل الاجتماعي دور في الاضطرابات التي نشاهدها اليوم، موضّحاً أنّ وسائل التّواصل الاجتماعيّ عزّزت حالة الاستقطاب السّياسيّ وساهمت في عزل النّاس وتشتيت آرائهم.

وبينما يسهل على الصحافيين والعاملين في الإعلام الإجابة على أسئلة "من" و"ماذا" و"متى" و"أين" و"كيف" بما يخص حادثة اقتحام مبنى الكونغرس، يبقى "لماذا" هو السّؤال الأصعب؛ لأنّ تقديم إجابة علميّة ومنطقيّة يتطلّب الإلمام بمعلومات شاملة عن الولايات المتّحدة.

واقترح الدكتور الرفاعي على الطلبة مراعاة أربعة أمور أساسيّة عند الإجابة على سؤال "لماذا"، أوّلها الامتناع عن التّعميم؛ نظراً لتنوّع مكوّنات المجتمع الأميركيّ وخلفيّات أفراده وظروفهم، إضافةً إلى تقديم أسباب متعدّدة لأيّة ظاهرة وعدم عزوها لسبب واحد. ودعا الدكتور الرّفاعي الطلبة للتمييز بين السّبب والنّتيجة، بمعنى: هل ترامب أشعل فتيل العنصريّة أم أنّ العنصريّة هي من جاءت بترامب للرئاسة؟

ويبقى الأمر الأخير تحديد تاريخ أو حدث ما يبدأ التحليل من عنده، فلا بد من فهم النظام السياسيّ الأميركيّ والعلاقة بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي، وفهم العلاقات بين الولايات الساحلية والجنوبية، تاريخ الحرب الأهليّة وقضية الحقوق المتساوية والتركيبتين الثقافيّة والحضاريّة للمجتمع الأميركي.

وقدم عميد معهد الاعلام بالانابة الدكتور عبدالحكيم الحسباني مداخلة، قال فيها إنّ بُنية النظام السياسي في الولايات المتحدة كنظام رئاسي برلماني قضائي يقوم على تعدّد كوابح السلطة وقنوات صنع القرار. فمثلاً، باستطاعة كلٍ من الكونغرس والرئيس إصدار مراسيم ونقض مراسيم يصدرها الطرف الآخر، وذلك في ظل وجود المحكمة العليا كرأس ثالث للسلطة يُشرف على دستوريّة المراسيم والقرارات.

وقارن الدكتور الحسباني بين النموذجين الأميركيّ والأوروبيّ الغربيّ في العلاقة بين الدّولة والمجتمع، فبيّن أنّه بينما تسود فكرة الدّولة في أوروبا كأساس للمجتمع، فإنّ العقل التقليديّ المحافظ في الولايات المتّحدة لا يحبّذ تدخّل الدّولة في حياة المجتمع والفرد، إذ إن مفهوم الدّولة في العقل الأميركيّ التقليديّ المحافظ مرتبط بالسّلطة وكبح حريّة الأفراد، وبالتّالي فإن جماعات اليمين الأميركيّ عادةً ما تكون ضد مفهوم الدّولة.

وأضاف أنه في حين تتشكل الأمة الألمانيّة مثلاً من مفهوم قويّ للمجتمع، إذ تُشكّل الأحزاب والنقابات والمجتمع المدني الإسمنت القويّ لهذا المجتمع، فإن الأمة الأميركيّة هي خليط من الثقافات والثقافات الفرعيّة، فمفهوم المجتمع لم يتشّكل بعد بنفس القوّة التي تشكّل بها في النموذج الأوروبيّ الغربيّ، كما تغيب النقابات والاتحادات عن الحياة المجتمعية الأميركيّة.

وناقش نحو 40 طالباً وطالبة مواضيع متعدّدة منها احتمالات توجّه الولايات المتّحدة نحو حرب أهليّة بين الجمهوريين مؤيّدي ترامب والديمقراطيين، وسيناريوهات محتملة حتّى انتهاء فترة رئاسة ترامب ومنها شن هجمات ضد إيران، إضافةً إلى نقاشات حول أهميّة ولاية جورجيا في قلب توجّه مجلس الشيوخ من جمهوريّ إلى ديمقراطيّ، ومستقبل الاتفاق النوويّ مع إيران والاتحاد الأوروبي.

وبما يخص سياسة ترامب، يرى الدكتور الرفاعي أنّها ارتكزت على الشّق الاقتصاديّ وهذا ما أثّر على طريقة تعاطيه مع جائحة "كورونا"؛ إذ حاول التّقليل من أهميّة الجائحة، ونشر معلومات خاطئة عن الفيروس وتصدير نظريّات مؤامرة وصلت العالم بأكمله. وهُنا يكمُن دور الصّحافيّ بالبحث عن المعلومة الصّحيحة لمواجهة نظريّات المؤامرة ومُوازنة المعلومات المُتضاربة بصدق وموضوعيّة.

أيّد ذلك الدكتور الحسباني عندما قال إنّه في الوقت الذي أحجمت هذه الإدارة عن الدّخول في حروب مسلّحة جديدة، إلّا أنّها مارست عنفاً اقتصاديّا مستمرّا عبر فرض عقوبات اقتصاديّة على دول وشخصيّات عديدة، كما أنّها خنقت دولاً عديدة عبر تقليص المساعدات التي تُغذّي مشاريع وبرامج اقتصاديّة واجتماعيّة عديدة.

 

 

yes