Image:

13 آذار 2014
<div dir="rtl"><strong>تحت شعار "المستقبل يبدأ اليوم"<br />
ا<span dir="RTL">الاميرة ريم علي تلقي كلمة افتتاحية في مؤتمر</span> "وان ايفرا" الشرق الأوسط</strong><br />
<br />
ألقت سمو الأميرة ريم علي، مؤسس معهد الإعلام الأردني، كلمة افتتاحية في افتتاح فعاليات الدورة التاسعة لمؤتمر "وان ايفرا" الشرق الأوسط، الذي تنظمه الرابطة العالمية للصحف وناشري<br />
الأخبار "وان إيفرا"، في دبي.<br />
<br />
وقد حضر الافتتاح عدد كبير من قادة الصحافة والإعلام في المنطقة العربية والعالم، بالإضافة إلى حشد من المهتمين والإعلاميين.<br />
<br />
وقالت سموها في كلمتها الافتتاحية أنه "سواء أحببنا ذلك أم لا، فإن الصحفيون اليوم يلعبون دورا مماثلا في مجتمعاتنا لدور المعلمين والمربين".<br />
<br />
وأكدت سموها أن التغيرات نحو الإصلاح السياسي والاجتماعي ترتبط ارتباطا وثيقا بالإعلام وقدرته على إبلاغ المواطنين وإشراكهم في المجال العام، مضيفة "أنه لا يمكن أن يكون هناك إصلاح صحيح من دون إصلاح فعلي لوسائل الإعلام".<br />
<br />
وأضافت في كلمتها خلال المؤتمر الذي عقد على يومين تحت شعار "المستقبل يبدأ اليوم"، إن التطور في مجال الإعلام يتم بسرعة كبيرة، وهذا ما قد يوجِد مساحات في حرية التعبير؛ نتيجة سرعة الانتشار. وأكدت أن على المشاركين مناقشة قضايا مهمة، مثل تلقي الأخبار بصورة صحيحة لمساعدة الصحافة التقليدية على الاستمرار بأعلى المعايير الأخلاقية والإنسانية<span dir="LTR">.</span><br />
<br />
ودعت الأميرة ريم إلى ضرورة إلمام الصحفيين بالقيم الإنسانية والالتزام بالدقة إضافة إلى التوجه نحو التخصص. مشيرة في هذا السياق إلى ما يقدمه معهد الإعلام الأردني، المؤسسة التعليمية غير الربحية في مجال التعليم الصحفي، الذي يسعى جاهدا لمزج التكنولوجيا الحديثة مع المهارات الصحفية التقليدية، إضافة إلى التطبيقات العملية والدراسات الثقافية، وباللغة العربية.<br />
<br />
وأضافت "يحدونا الأمل في معهد الإعلام الأردني إلى تخريج صحفيين مؤهلين لمواجهة التحديات الناجمة عن التحولات الحالية التي تواجه مجتمعاتنا".<br />
<br />
وتمنت سموها في ختام كلمتها أن يتمكن صحافيو منطقتنا العربية من العمل في بيئة ملائمة، وأن يكون خوفهم الوحيد هو نقل أخبار بأسلوب غير دقيق أو لا أخلاقي أو غير مهني.<br />
<br />
ويمثل مؤتمر" وان ايفرا" الشرق الأوسط السنوي مورداً هاماً للناشرين في المنطقة، الذين يمكنهم من خلاله الاستفادة من تجارب كبار الخبراء الدوليين في هذا المجال<span dir="LTR">.</span><br />
<br />
ويأتي المؤتمر في نسخته التاسعة هذا العام ليقدم المعلومات والاستشارات من جميع أنحاء العالم لهذه المنطقة الهامة ذات النمو المتزايد.<br />
<br />
وتالياً نص كلمة سمو الأميرة ريم علي في المؤتمر:<br />
<br />
أصحاب المعالي والسعادة،<br />
<br />
أيها السيدات والسادة،<br />
<br />
من دواعي سروري أن أكون بينكم مرة أخرى هنا في دبي للمشاركة في مؤتمر الشرق الأوسط التاسع للاتحاد العالمي للصحف وناشري الأنباء.<br />
<br />
فيما كانت أخبار وصور ما يسمى بالربيع العربي تتوالى على شاشات تلفزيوناتنا، كانت العبارة السحرية التي ما فتئت تتردد على ألسنة المعلقين هي: "الخوف ولىّ أدباره<span dir="LTR">!"</span><br />
<br />
إن معظم التحليلات والمقالات، التي تناولت الثورات العربية في مختلف الوسائل الإعلامية، تعود بنا إلى اليوم السابع عشر من شهر كانون الأول (ديسمبر) من عام 2010 في تونس، حيث يبدو أن الشرارة الأولى لجميع ما مر بنا قد انطلقت<span dir="LTR">.</span><br />
<br />
وعلى الرغم من مأساة تضحية أحد المواطنين بحياته، إلا أن الشعب التونسي كان على علم بمواطن العجز التي من شأنها أن تجعل من شخص ما فرداً سعيداً ومن شعب أن ينعم بالرخاء والازدهار. غير أن هذه التضحية كانت الشرارة التي أطلقت عنان الغضب.<br />
<br />
ولم يكن الشعب التونسي بحاجة إلى شبكة الإنترنت لكي يدرك النقص في العدالة والمساواة وسيادة القانون والرفاه الاقتصادي وحرية التعبير. <br />
<br />
كما أن التناقض الصارخ بين ما كانت تعرضه شاشات التلفزيون الحكومي وما كانوا يشاهدونه على القنوات الفضائية كان كافياً لإقناعهم بركوب القوارب والمخاطرة بأرواحهم لعبور البحر الأبيض المتوسط على أمل ايجاد ما هو أفضل في مكان آخر<span dir="LTR">.</span><br />
<br />
لذلك، لم يكن مفاجئاً أن أحد المطالب الرئيسية عندما خرجوا إلى الشوارع كان المطالبة بحرية التعبير<span dir="LTR">.</span><br />
<br />
الجدير بالذكر أن سكان المنطقة الذين سعوا، وما زالوا يسعون إلى حشد أنفسهم، كانوا وما زالوا يدعون إلى تغييرات اجتماعية وسياسية أساسية<span dir="LTR">.</span><br />
<br />
وقد تبين من نتائج مسح أجراه "مركز بيو للأبحاث" في عام 2012 أن الأمن الاقتصادي ما زال أهم المشاغل بالنسبة لمعظم الناس في العالم العربي. ومع أن حرية وسائل الإعلام تعتبر أولوية، إلا أنها ليست بأهمية العدالة أو الانتخابات الحرة<span dir="LTR">.</span><br />
<br />
علاوة على ذلك، ترتبط التغييرات الرامية إلى تحقيق الإصلاح السياسي والاجتماعي ارتباطا وثيقا بوسائل الإعلام وبقدرة هذه الوسائل على إعلام الجماهير وإشراكهم في المجال العام. وبعبارة أخرى، لا يمكن أن يتحقق الإصلاح المناسب دون تحقيق الإصلاح في وسائل الإعلام<span dir="LTR">.</span><br />
<br />
لقد شهدت بعض أجزاء العالم العربي تغييرات جذرية نتجت عنها توقعات عالية. وقد تنطبق مقولة "الخوف ولىّ أدباره!" على وسائل الإعلام، وعلى وجه الخصوص في البلدان الاستبدادية. فقد قيل وكُتب الكثير حول دور وسائل الإعلام، وخاصة وسائل الاتصال الاجتماعي، بخصوص ما أسماه بعضهم بثورات الفيسبوك، متناسين أنه بدون مؤازرة ما يسمى بالإعلام التقليدي، لم تكن هذه الرسائل لتصل إلى هذه الأعداد من الناس، ناهيك عن أن التغييرات والثورات والانتفاضات قد أخذت مكانها في التاريخ دون استخدام هذه الأدوات الجديدة<span dir="LTR">.</span><br />
<br />
لقد تُرك الكثيرون منا، نحن العاملون في وسائل الإعلام، نتساءل: هل تحققت ثورة إعلامية حقيقية، كما كان متوقعاً؟ وهل انعكست هذه التغييرات على المشهد الإعلامي؟ <br />
<br />
هل أن وسائل الإعلام في البلدان التي شهدت تغييرات جذرية — وأعني هنا تونس ومصر وليبيا واليمن — تساهم اليوم في تشكيل حيزٍ عام؟<br />
<br />
هل لها دور في تعزيز الحوار البناء، الذي من شأنه أن يجلب التحولات السلمية التي تشتد الحاجة إليها؟<br />
<br />
هل تساهم في توجيه المطالب الرامية إلى تحقيق إصلاحات سياسية مؤسسية والقضاء على القيم السلطوية؟<br />
<br />
هل توفر منبراً لنشر المطالب الاجتماعية، تماشياً مع الممارسات الديمقراطية؟<br />
<br />
إن حدوث التغييرات أمر واضح، لكن ما مدى عمق هذه التغييرات فيما يتعلق بالإعلام؟ <br />
<br />
هل سنرى قريباً في هذه البلدان بروز صناعة إعلامية أكثر احترافاً وتنوعاً وحرية؟<br />
<br />
وأخيراً وليس آخراً، هل ستتطور وسائل الإعلام التي تديرها الدولة لتصبح مزوداً حقيقياً للخدمات العامة؟<br />
<br />
في حين يبدو أن موجات الابتهاج الأولية، التي واكبت الثورات في بعض أجزاء العالم، قد خمدت، إلا أن بعض التقارير الأولية في هذا الصدد كانت بمثابة إدانة كاملة لهذه الثورات<span dir="LTR">:</span><br />
<br />
فقد جاء تقرير المؤشر العالمي لحرية الصحافة لعام 2013، والذي تقوم بتجميع مواده منظمة مراسلون بلا حدود، بالعنوان التالي: "خيبات أمل بعد الربيع العربي". ويؤكد التقرير أن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا جاءت في الترتيب الأخير بين مناطق العالم الأخرى في التصنيف العالمي لحرية الصحافة<span dir="LTR">.</span><br />
<br />
لكن التغيير الجوهري لا يتحقق بين ليلة وضحاها، فهو يستلزم الكثير من الوقت والرؤية والقضاء على العادات القديمة، وفوق هذا وذاك التدريب والبيئة المواتية للتوصل إلى إعلام مستدام يتميز بالمصداقية والاحترافية، مما يتطلب ثقافة ديمقراطية شاملة.<br />
<br />
كما أن الانتخابات وحدها، حتى ولو اقترنت بالتغريدات على تويتر والمشاركات في الفيسبوك، غير كافية لتحقيق ذلك، على الأقل ليس في غضون ثلاث سنوات.<br />
<br />
ولا يمكن تقييم أوضاع الإعلام بطريقة مستقلة عن السياقين القانوني والاقتصادي<span dir="LTR">.</span><br />
<br />
غنيّ عن القول انه ينبغي وضع ضمانات دستورية في مكانها المناسب، ليس فقط لحماية حرية التعبير، ولكن أيضا لحماية الحق في الحصول على المعلومات. ويبدو أن ذلك قد تحقق في تونس، وإلى درجة ما في اليمن، إلا أن البلدان الأخرى لم تبلغ الهدف فيما يتعلق بمثل هذه الضمانات<span dir="LTR">.</span><br />
<br />
وكما تعلمون، تعيق القيود الاقتصادية إلى حدٍ كبير التعددية والتنوع في وسائل الإعلام، وهما من الأمور التي غالباً ما تعتبر من ضمن أدوات قياس حرية الإعلام، ولم تنجح الثورات العربية في إيجاد حلٍ لها وتخطيها<span dir="LTR">.</span><br />
<br />
أما قنوات الإعلام الخاصة التي ظهرت مؤخراً فهي مرتبطة بأحزاب سياسية، وتعمل — كما في الكثير من بلدان العالم —على ترويج لأجندات سياسية معينة، في حين تجد وسائل الإعلام الحكومية في العديد من الدول أنه من الصعب عليها "التخلي" عن ذلك الدور. <br />
<br />
إن نجاح الجهود الرامية إلى إصلاح الإعلام يعتمد إلى حدً بعيد على نجاح التحول السياسي نفسه، علماً بأن الهدف الأسمى هو دعم التنوع وتطوير إعلام مستقل يعكس التنوع العرقي والثقافي والسياسي ويخدم المصلحة العامة بطريقة مستدامة. بيد أن "نوعين" من الإعلام يتطلبان اهتماماً خاصاً: الإعلام العام، الذي يقدم بالفعل خدمات لعامة الناس بدون تدخل الحكومة، والإعلام المجتمعي<span dir="LTR">.</span><br />
<br />
وما زالت الحاجة ماثلة في بعض البلدان لكي تسفر التغييرات عن عملية أكثر شفافية، على سبيل المثال فيما يتعلق باختيار رؤساء التحرير في بعض وسائل الإعلام الرئيسية<span dir="LTR">.</span><br />
<br />
لا يمكن أن يزدهر الإعلام دون أن يشعر الصحافيون بالأمان أثناء قيامهم بعملهم. فقد تكون ليبيا قد أقرت دستوراً جديداً بعد انهيار النظام السابق، إلا أن الصحافيين غير قادرين على ممارسة حقهم في حرية التعبير بسبب الفوضى العامة وانعدام الأمن والخوف الذي تفرضه المليشيات. لذلك، يبدو أن الخوف الذي كان سائداً في مكان ما، قد تم استبداله بنوع آخر من الخوف<span dir="LTR">.</span><br />
<br />
وإذا ما استعرضنا هذا المشهد، نجد أن الذين سارعوا إلى القول بأن رياح التغيير ستكتسح كل شيء في غضون أسابيع وأن الديمقراطية وفرص العمل ستتحقق على الفور، قد أصيبوا بخيبة أمل كبيرة. فالمجتمعات لا تتغير كذلك. وهذا يذكرني بقصة منسوبة إلى تشو إن لاي، أول رئيس وزراء لجمهورية الصين الشعبية، الذي سُئل في أوائل الخمسينات من القرن الماضي حول الوقع الذي أحدثته الثورة الفرنسية في عام 1789، فأجاب: "من المبكر أن نصدر حكماً على ذلك<span dir="LTR">!"</span><br />
<br />
لا أريد أن أوحي هنا بأن ما حدث في المنطقة العربية يشبه الثورة الفرنسية، لكنني آمل بأن لا نحتاج إلى مئتي سنة لكي نرى بعض التغيير الإيجابي في المشهد الإعلامي<span dir="LTR">!</span><br />
<br />
على الرغم من خيبات الأمل التي ذكرتها، إلا أن معظم الناس ما زالوا يشعرون بأن أحد أكبر إنجازات الثورات العربية هو حرية التعبير<span dir="LTR">.</span><br />
<br />
ففي تونس، كانت وسائل الإعلام العامة أو الحكومية في عهد زين العابدين بن علي هي الوحيدة المسيطرة على الساحة الإعلامية، مع مستوى عالٍ من التركيز في العاصمة على حساب مختلف المناطق، وهي الحالة ذاتها التي كانت سائدة في ليبيا معمر القذافي. أما وسائل الإعلام الرئيسية في مصر، فكانت قريبة جداً من الحكومة، إن لم تكن بصراحة أبواقاً لها<span dir="LTR">.</span><br />
<br />
ولا شك في أن انتشار وسائل الإعلام المحلية في يومنا هذا يشكل ظاهرة نادرا ما كنا نشاهدها في السابق، إذ أنها تهيئ فرصة التعبير لمجموعة كبيرة من المواطنين، الذين لم يتمتعوا أبداً بفرصة التعبير عن رأيهم<span dir="LTR">.</span><br />
ومما لا شك فيه أن مستوى الثقة بوسائل الإعلام المحلية قد تزايد بالنسبة لمعظم المواطنين في بلدان مثل تونس، أو في العراق حيث تحققت التغييرات قبل الانتفاضات العربية، بحيث أصبح بمقدورهم الآن التوجه إلى وسائل الإعلام الخاصة بهم، بدلاً من التحول إلى وسائل الاعلام العربية أو الأجنبية لمعرفة أخبار بلادهم، خاصة أن الكثيرين ينظرون إلى أن لهذه الوسائل الإعلامية أجندات سياسية خاصة بها<span dir="LTR">.</span><br />
<br />
هذ وقد أجبر ما يسمى بالربيع العربي الشركات الإعلامية العملاقة على استخدام وسائل الاتصال الاجتماعي كمصدر للأخبار. واستُبدل مراسلو بعض الشبكات الإخبارية العربية — الذين كان بعضهم يعتبر نفسه نجماً أو أسطورة — استبدلوا في حالات عديدة بشباب يقدمون تقاريرهم من الميدان<span dir="LTR">.</span><br />
<br />
أما وكالات الأنباء الأصغر حجماً، وإن كانت تتبنى أجندات مختلفة، فهي تتحدى تأثير الشبكات العربية الجامعة الكبيرة<span dir="LTR">.</span><br />
<br />
واليوم أكثر من أي يوم مضى، نجد أن "وكالات الأخبار العربية تساعد في تشكيل المواقف العالمية<span dir="LTR">".</span><br />
<br />
يقول لورانس بينتاك في كتابه بعنوان "الصحافي العربي الجديد" ما يلي:<br />
<br />
<span dir="LTR">"</span>في حين أن شبكات التلفزيون الأمريكية وهيئة الإذاعة البريطانية وعدداً قليلاً من الصحف الغربية ووكالات الأنباء كانت تكتب الأخبار الدولية، غدا الصحافيون العرب اليوم بمثابة عيون وآذان نصف المعمورة، إذ أن المؤسسات الإخبارية في جميع أنحاء العالم النامي تعيد بث التغطيات الإعلامية التي تقوم بها القنوات العربية. (...). لقد خاضت وسائل الإعلام العربية خضم التغيير<span dir="LTR">".</span><br />
<br />
تقول الإعلامية اليمنية ناديا السقاف "إن ما يميز المشهد الإعلامي في أعقاب الربيع العربي في اليمن في عام 2011، هو انعدام الرقابة على وسائل الإعلام والطريقة الفوضوية في إعداد التقارير وتزايد وسائل الإعلام الخاصة، التي تتميز في معظمها بالتحيز".<br />
<br />
وتوضح السقاف: "بدأت خمس محطات إذاعية خاصة عملها (في اليمن) في الأشهر الثلاثة الأخيرة وحدها، وكانت ثلاث من هذه المحطات تابعة لأحزاب سياسية<span dir="LTR">."</span><br />
<br />
وتضيف قائلة ان ما مجموعه تسع محطات إذاعية خاصة وأحد عشر قناة فضائية خاصة قد برزت إلى حيز الوجود خلال العامين الماضيين. وقد انعكس هذا الانفتاح، كما تقول، بطريقة أكثر اضطراباً في مختلف وسائل الإعلام الإلكترونية والمطبوعة<span dir="LTR">.</span><br />
<br />
وتتكاثر عشرات الصحف اليومية ومحطات التلفزيون والاذاعات بسرعة عجيبة في العديد من البلدان التي وقعت فيها الثورات الأخيرة. وإذا كانت التعددية تمثل مقياساً لحرية التعبير، فهذه الحرية موجودة. غير أن الكمّ وحده — كما نعلم جميعاً — ليس بالضرورة علامة من علامات الإعلام الصحي<span dir="LTR">.</span><br />
<br />
وفيما يتعلق بالنوعية، يقول مراقبو وسائل الإعلام في بعض تلك البلدان إن وجهات النظر المعارضة غير ممثلة دائما بطريقة عادلة، حتى في وسائل الإعلام الخاصة؛ وما زال السرد الاخباري الأحادي الجانب من الممارسات الشائعة، إذ أن العديد من الصحافيين لا يرون أية مشكلة في المواءمة السياسية المفرطة، بل إن بعض مقدمي برامج الحوار المصريين يعتقدون أن ذلك هو واجبهم<span dir="LTR">.</span><br />
<br />
تقول فاطمة عيساوي في تحليلها للأوضاع في مصر ما بعد الثورة إن حالة من الارتباك قد تبلورت في أعقاب "تآكل الوضع القائم سابقاً في العلاقة بين وسائل الإعلام والسياسة، والذي لم يسفر عن الارتقاء بديناميات واضحة جديدة، وبالتالي ترك وسائل الإعلام لتتصارع مع معضلات معقدة وغير مأمونة فيما يتعلق بالتحول السياسي". <br />
<br />
ينعكس هذا الارتباك في الطريقة التي أصبح فيها الصحافي يتصور دوره. وقد ساهمت الحرية المكتسبة حديثا في طمس الخطوط الفاصلة بين المعلومة والنشاط السياسي، وبين مراسل الأخبار وصانع الأخبار. كما أن حرية الصحافة، في بعض الحالات، أصبحت مساوية للتعبير عن الآراء الشخصية وعن الاتهامات التي لا أساس لها وعن غياب الموضوعية. وفي بعض الحالات، تعمل الانقسامات والصراعات السياسية السائدة على اختطاف وسائل الإعلام. وكما تقول العيساوي فإن "الخاسرين الرئيسيين هم الصحفيون الذين يضحون بمكاسبهم في خدمة الايديولوجيات، على الرغم من حريتهم في ممارسة مهنتهم<span dir="LTR">."</span><br />
<br />
لقد كان العديد من الصحافيين وما زالوا غير قادرين على استغلال حرياتهم المكتسبة حديثاً. فالبيئة المواتية الداعمة لوسائل الإعلام لا تنبع فقط من بنية تشريعية مناسبة واقتصاد مزدهر، بل إنها تأتي من بيئة يمكن فيها الوصول إلى الأبحاث والدراسات الاستقصائية واستطلاعات الرأي المستقلة، وهي بيئة تفتقر إليها بعض البلدان التي ذكرتها<span dir="LTR">.</span><br />
<br />
وعندما تتوفر مثل هذه الأبحاث، فهي في كثير من الأحيان بلغة أخرى وتستهدف جمهوراً آخر<span dir="LTR">.</span><br />
<br />
وفي هذا السياق، أكد فيليب سايب، عضو مجلس إدارة الجامعة الأميركية في دبي، مؤخرا على ضرورة توفير التدريب باللغة العربية، معتبرا أن "عملية تطوير التعليم الإعلامي العربي قد تباطأت جراء الجهود غير المدروسة والرامية إلى عكس صورة المناهج الغربية. فجذور المشكلة تعود إلى الفشل في الاعتراف بأن جوهر المناهج الإعلامية هو الثقافة وليس التقنية<span dir="LTR">."</span><br />
<br />
نتحمل نحن العرب نصيبنا من المسؤولية، إذ أن لغتنا العربية بحاجة ماسة إلى مراجع صحافية ودراسات أكاديمية ينتجها علماء عرب باللغة العربية<span dir="LTR">.</span><br />
<br />
والأهم من ذلك كله، إذا أردنا تعزيز الاحترافية في وسائل الإعلام، فإننا ما زلنا بحاجة كبيرة إلى التدريب، لكن ليس أي نوع من التدريب<span dir="LTR">.</span><br />
<br />
فعلى مدى عقود، وخاصة في أعقاب أحداث الحادي عشر من أيلول، انصب الكثير من المساعدات على برامج التدريب المنتظم لوسائل الإعلام<span dir="LTR">.</span><br />
<br />
وقد تحول التوجه في الآونة الأخيرة إلى توفير برامج تدريبية للصحافيين والناشطين وصناع الأفلام في البلدان المختلفة، كلهم معا<span dir="LTR">.</span><br />
<br />
وفي حين أن برامج التدريب التي تستهدف الصحفيين في المنطقة تلقى اهتماما كبيرا من قبل المجتمع الدولي، إلا أن الحاجة ما زالت ماثلة إلى بذل قدر كبير من الجهود. والأهم من ذلك أن التدريب ينبغي يكون متلائما مع الاحتياجات الخاصة للمجتمع المحلي من الصحفيين<span dir="LTR">.</span><br />
<br />
لدى قيامي بالبحث اللازم لإعداد هذه الكلمة، استرعت انتباهي بعض القصص التي تتناول مدربين وجدوا أن مهمتهم تنطوي على تحديات صعبة، ليس فقط لأن القوانين والبيئة العامة التي يعملون فيها لم تكن على صلة أبداً بما كانوا قد اعتادوا عليه في الغرب، ولكن أيضاً لأنهم لم يكونوا قادرين على التعامل مع بعض المحرمات الثقافية ... وهكذا، استغرق الأمر منهم بعض الوقت لإدراك أن أحد الأمثلة النموذجية للفيديوهات التي يتم إنتاجها في الغرب — وهو نموذج "فتى يلتقي فتاة في بار" - بحاجة إلى تغيير لكي يصبح "فتاة تلتقي أمها في مقهى<span dir="LTR">" ...</span><br />
<br />
لا يمتلك بعض الصحفيين الأدوات المناسبة للتعامل بطريقة احترافية مع الأحداث الراهنة والمواضيع الحساسة. ففي حين أن الدورات التدريبية، التي يتم تنظيمها لمدة أسبوعين هنا وهناك، تخدم غرضا ما، إلا أنها ليست كافية لمعالجة جذور المشكلة بالفعل<span dir="LTR">.</span><br />
<br />
إضافة إلى ذلك، وبما أن المستقبل يبدأ اليوم، فإن الوقت ليس متأخرا للبدء في إحداث تغييرات جدية الآن<span dir="LTR">.</span><br />
<br />
ومع توفر التكنولوجيات الجديدة للجميع، تبرز الحاجة إلى توقع المزيد من الجهود المضنية التي ينبغي بذلها في إعداد المحتوى<span dir="LTR">.</span><br />
<br />
كما أننا بحاجة إلى توفير برامج لمحو الأمية الرقمية في وسائل الإعلام بحيث تكون هذه البرامج متاحة حتى في سن مبكرة في مناهج المدارس الثانوية.<br />
<br />
وهذا في الواقع يعود بالفائدة، ليس فقط على أولئك الذين سيصبحون في وقت لاحق صحفيين محترفين، فلا غنى عنه بالنسبة "للصحافيين المواطنين" أو نشطاء وسائل الاتصال الاجتماعي، الذين سنتعامل معهم في المستقبل، حين يصبح كل واحد منا تقريباً مستهلكا ومنتجا للمحتوى الإخباري في آن واحد<span dir="LTR">.</span><br />
<br />
يبقى التكنولوجيا وحدها غير قادرة على ملء الفجوات<span dir="LTR">.</span><br />
<br />
ما ينقصنا في مدارسنا الثانوية وجامعاتنا، ليس مجرد التفكير النقدي، ولكن أيضاً الثقافة العامة والدراسات الثقافية. فيتعين على الصحافي أن يتسلح بمزيد من التفهم والادراك للعالم من حوله<span dir="LTR">.</span><br />
<br />
كما ينبغي أن تتضمن المناهج بعض الأسس القانونية، بالإضافة إلى بعض المعرفة بتاريخ الأديان<span dir="LTR">.</span><br />
<br />
كذلك، ينبغي أن يكون التفاهم عبر الثقافات جزءاً لا يتجزأ من أية برامج تدريبية للصحافيين. وعلى وجه الخصوص، إذا كنا نريد تغييرا في وسائل الإعلام العامة في منطقتنا، علينا أن نضمن للصحافيين امكانية اتاحة الفرصة لجميع مكونات مجتمعاتنا للتعبير عن آرائها<span dir="LTR">.</span><br />
<br />
سواء شئنا أم أبينا، فإن الصحافيين في يومنا هذا يقومون في مجتمعاتنا بدور شبيه بدور المربي<span dir="LTR">.</span><br />
<br />
لذلك، لا بدّ أن يكون الصحافيون متمكنين في القيم الإنسانية<span dir="LTR">.</span><br />
<br />
ومن أجل التنافس مع وسائل الاتصال الاجتماعي ومؤسسات الصحافة الاحترافية الأخرى، أصبحت الدقة ودرجة معقولة من التخصص من ضرورات العمل الصحافي في يومنا هذا<span dir="LTR">.</span><br />
<br />
ومن أجل تحقيق تلك الغاية، فإننا نسعى جاهدين في معهد الإعلام الأردني إلى مزج التكنولوجيا الحديثة مع المهارات الصحافية التقليدية. كما أننا نطرح مساقات عملية ودراسات ثقافية يتم تدريسها جميعاً باللغة العربية<span dir="LTR">.</span><br />
<br />
نأمل في أن يكون الصحافيون الذين يتخرجون من معهد الإعلام الأردني مسلحين لمواجهة التحديات التي تجلبها التحولات الحالية والتي تواجهها مجتمعاتنا<span dir="LTR">.</span><br />
<br />
كما أننا نأمل في أن يكون جميع الصحافيين في منطقتنا قادرين على العمل في بيئة مؤاتية تدريجيا، وأن يكون خوفهم الوحيد عدم الدقة أو عدم الالتزام بأخلاقيات المهنة أو قلة المهنية<span dir="LTR">...</span><br />
<br />
شكراً جزيلاً<br />
<br />
</div>